أخبار الساعة » دراسات ومتابعات » دراسات وتقارير

الجامعة ما بين مطرقة السياسي وسندان العسكري

- أنور شرف الزبيري
تحظى الجامعة في المجتمعات البشرية المتقدمة منها والمتخلفة بمكانة خاصة في نفوس الناس تصل إلى درجة القداسة , وتستمد هذه المكانة من طبيعة الدور الموكل أليها في إعداد الأجيال القادمة وصقل قدراتهم وتفجير طاقاتهم الخلاقة ، كما تستمد هذه المكانة من طبيعة قيامها بإجراء البحوث العلمية الذي تحاول من خلالها التوصل لمعالجة مختلف المشاكل التي تؤرق المجتمع ، بالإضافة إلى ذلك تقوم الجامعة بخدمة المجتمع في مختلف المجالات التربوية والصحية والاقتصادية وغيرها.
وكما نعلم جميعاً أن معظم الجامعات في الوطن العربي بشكل عام وفي بلادنا اليمن على وجه الخصوص مازالت غير قادرة على القيام بهذه الوظائف لأسباب كثيرة يطول شرحها والتي يرتبط أهمها بالنظام العائلي الديكتاتوري الفاسد الذي لا يعي دور الأكاديمي والمؤسسة الأكاديمية والطالب الجامعي .
ومع انطلاق الثورة الشبابية الشعبية اليمنية المميزة بقيادة الشباب اليمني المثقف الواعي بقضايا مجتمعه ، وجدنا السياسي يستغيث بالأكاديمي في وأد هذه الثورة المباركة ومحاربة الشباب الطامح لدولة المؤسسات والقانون ، فتارة يطلب منه توقيف الدراسة ليس من باب الحرص على أمن وسلامة الطالب ، بل خوفاً من تجمع الشباب وانضمامهم لهذه الثورة المباركة واستجاب الأكاديمي لذلك ، ومن وجهة نظري الشخصية كان قرار الاستجابة حكيم بغض النظر عن دافع الاستجابة ، وتارة بإعلان الدراسة وضرورة البدء بها ليس من دافع الحرص على الطالب ومستقبله ولكن وفقاً لسيناريو مقاومة الثورة الشبابية خصوصاً مع إعلان هؤلاء الشباب مرحلة العصيان المدني ، وهذا ما قوبل بالرفض المطلق من الشرفاء العقلاء في مختلف الجامعات اليمنية وكلاً بطريقته ، ولأسباب قانونية ووطنية وإنسانية تدل على وعي وفكر ورؤية عميقة وحرص على الطالب الجامعي ومستقبل الوطن الحبيب.
لو نظرنا في الأسباب القانونية وفقاً لقانون الجامعات اليمنية نجد أنه يحق لمجلس الجامعة أن يوقف الدراسة إذا وجد أن هناك إخلال بالأمن العام وهذا ما حصل في أكثر من جامعة خذ على سبيل المثال لا الحصر اقتحام قوات الأمن المركزي وقوات الحرس الجمهوري وبعض البلاطجة المأجورين جامعتي تعز والحديدة والاعتداء على رئاسة الجامعة والطلاب والطالبات والموظفين .
في حين أن الأسباب الوطنية تتضح في أنه ليس من المنطقي والعقلاني أن يتم اختزال فصل دراسي كامل بفترة وجيزة لا تتعدى شهر ونصف وفي مثل هذه الأوضاع الغير مستقرة والغير أمنه ، كما أنه ليس من المعقول أن نسمع ونرى الوطن والمواطن يصرخ ويستغيث جراء أوضاعه المأزومة أمنيا واقتصاديا وسياسياً و جراء الاعتداء السافر على أولادنا وبناتنا طلبة الجامعة وزملاءنا وزميلاتنا من أعضاء هيئة التدريس والموظفين وتوعد بعضهم بالتصفية الجسدية من قبل قوات عسكرية لا مسئولة يملا نفوسها الحقد والكراهية لكل ما هو مشرق وجميل ووضاء في الوطن وفي هذا الصرح العلمي المقدس التي قامت هذه القوات بتدنيسه . وما حصل في أروقة جامعة الحديدة يوم السبت الموافق 20/5/2011م خير شاهد على ذلك .
وتتجلى الأسباب الإنسانية في أنه ليس من العدل والإنصاف أن يرى المرء الأطقم العسكرية في ساحة الحرم الجامعي الجنرالات العسكرية تصدر توجيهات بالاعتداء على أساتذة الجامعة وموظفيها وطلبة العلم مؤسسي الغد المشرق العزل الذين تعد الأقلام أسلحتهم الوحيد و يحلمون بالأمن والحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية واليمن الديمقراطي الجديد المستقر الموحد الخالي من رئيس عسكري لا هم له إلا السيطرة على مقاليد الحكم ولو على جماجم المستضعفين في الأرض وأعراضهم ، والله المستعان .

Total time: 0.1659